توبة دينار العيار
عن المعاصي على يد والدته
روي أن رجلأ يعرف بدينار العيا ركانت له والدة تعظه ولايتعظ ، فمر في بعض الأيام بمقبرة كثيرة العظام ، فاخذ منها عظما نخرا فانفت في يده ، ففكر في نفسه ، وقال لنفسه : ويحك ! كأني بك غدا قد صارعظمك هكذا رفاتا والجسم ترابا، وأنا اليوم أقدم على المعاصي ، فندم وعزم على التوبة، ورفع رأسه إلى السماء وقال : إلهي! إليك ألقيت مقاليد أمري ، فاقبلني وارحمني . ثم مضى نحو أمه متغير اللون ، فقال : يا أماه ! مايصنع بالعبد الآبق إذا أخذه سيده ؟ فقالت . يخشن ملبسه ومطعمه ويغل
يده وقدمه . فقال : أريد جبة من صوف وأقراصا من شعير، وتفعلين بي كما يفعل بالابق ، لعل مولاي يرئ ذلي فيرحمني ، ففعلت ماطلب . فكان إذا جنه الليل أخذ في البكاء والعويل ، ويقول لنفسه : ويحك يادينار! ألك قوة على النار؟ كيف تعرضت لغضب الجبار؟ وكذلك إلى الصباح ، فقالت له أمه في بعض الليالي : ارفق بنفسك ، فقال . دعيني أتعب قليلا لعلي أستريح طويلا يا أمي ! إن لي موقفا طويلا بين يدي رب جليل ، ولا أدري أيؤمر بي إلى الظل الظليل ، أو إلى شر مقيل ! إني
أخاف عناء لا راحـة بعده ، وتوبيخا لا عفو معه ، قالت : فاسترح قليلا، فقال : الراحة أطلب ؟ أتضمنين لي الخلاص ؟ قالت : فمن يضمنه لي ؟ قال : فدعيني وما أنا عليه ! كأنك يا أماه غدا بالخلائق يساقون إلى الجنة وأنا أساق إلى النار! فمرت به في بعض الليالي في قرأءته ( فوربك لنسألنهم أجمعين ، عما كانوا يعملون ). سورة الحجر، الايتان . ففكر فيها، وبكى وجعل يضطرب كالحية حتى خرمغشيا عليه ، فجاءت أمه إليه ونادته ، فلم يجبها، فقالت : قرة عيني ! أين الملتقى؟ فقال بصوت ضعيف : إن لم تجدييني
في عرصة القيامة فاسألي مالكاعني ( مالكا خازن النار )
.ثم شهق شهقة مات فيها. فجهزته وغسلته ، وخرجت تنادي : أيها الناس ! هلموا إلى الصلاة على قتيل النار! فجاء الناس فلم ير أكثر جمعا ولا أغزر دمعا من ذلك اليوم.